مقتطفات من تاريخ الدولة العثمانية.. الحلقة الثانية
مقتطفات من تاريخ الدولة العثمانية.. الحلقة الثانية
كتب – عمر محمد
يقول الدكتور محمد سهيل طقوش في مقدمة كتابه ” تاريخ العثمانيين من قيام الدولة إلى الإنقلاب على الخلافة《 وظلت الدولة العثمانية، منذ نشأتها، تشكل، بالنسبة لأوروبا مشكلة كبرى؛ لقد وقفت، في بادئ الأمر، ضد الخطر الصليبي الذي أخذ يتجدد على بلاد المسلمين، ومثلت أقوى وأنجح مقاومة ضد أوروبا الآخذة بالتوسع باتجاه الشرق، خلال
القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ثم ما لبثت أن إعترضت المشروعات الإستعمارية الأوروبية والمحاولات الصهيونية في الولايات العربية والإسلامية ؛ …
وحين ضعفت – الدولة العثمانية- أثارت – أوربا – التنافسات الدولية فيما عرف بالمسألة الشرقية ؛ وظل الأوروبيون يعدونها العدو الأكبر للنصرانية وكابوسا يخيم على صدر أوروبا، ويحول دون التطور التاريخي، ونقطة سوداء تلطخ قيم الحضارة الغربية .
والحقيقة أن الخلافة الإسلامية، التي تمثلها الدولة العثمانية، كانت الهدف الكبير الذي ظل يلفت أنظار أوروبا، وراح الأوروبيون ينفثون سموم حقدهم للقضاء عليها بوسائل كثيرة وطرق متعددة، أهمها الغزو الفكري الذي ضلل عددا من مؤرخي الشرق الذين استندوا، في تفسير الأحداث وتحليلها، على أسس بعيدة عن الموضوعية، والغزو العسكري الذي شغل حيزا كبيرا من تاريخها .
من أجل ذلك، تعرضت الدولة العثمانية إلى حملات عنيفة ظاهرها محاربة الظلم والفساد، وباطنها التشهير بها والنيل منها، وصولا إلى سلخ – يقصد فصل – الشعوب التابعة لها بهدف تفتيت وحدتها ومن ثم القضاء عليها ؛ وقامت بهذه الحملات قوتان معادیتان للإسلام هما الاستعمار الأوروبي والصهيونية ..
بدأت القوة الأولى إهتمامها بتاريخ العثمانيين في القرن السادس عشر في معاهد الاستشراق والجامعات الأوروبية، عندما أراد الأوروبيون التعرف على تاريخ هؤلاء الذين اجتاحوا شرقي أوروبا ووسطها وخاضوا صراعا مريرا معهم، لذلك نشأت الدراسات الأوروبية المعادية للعثمانيين وللإسلام،
وبدأت القوة الثانية إهتمامها بتاريخ العثمانيين بدءا من القرن التاسع عشر وشاركت الدول الأوروبية في سياستها الرامية إلى تفتيت وحدة الدولة العثمانية والقضاء عليها .
لقد حفلت كتب التاريخ، بالإضافة إلى كتب الأدب والبحوث العلمية ومجموعات الوثائق التي نشرتها الحكومات الأوروبية، بدءا من النصف الأول من القرن العشرين، بالعديد من الأوصاف والتصريحات الرسمية التي جعلت التاريخ العثماني.