“معركة الأرك”.. الانتصار الذي غير مجرى التاريخ
دعاء رحيل
معركة الأرك هي واحدة من أهم المعارك في التاريخ الإسلامي، حيث حقق المسلمون بقيادة خالد بن الوليد انتصارا عظيما على الفرس في عام 634 ميلادية. في هذا المقال، سنتعرف على أسباب ومجريات ونتائج هذه المعركة الحاسمة.
أسباب المعركة
بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، خلعت بعض القبائل العربية عن طاعة الخلافة الإسلامية، واندلعت حروب الردة. وفي ذات الوقت، كانت الإمبراطورية الفارسية تحاول استغلال هذه الفتنة لزعزعة استقرار المسلمين والتوغل في أراضيهم. فأرسلت جيشا كبيرا إلى العراق بقيادة رستم فروزان، وأخذت تحشد قواتها على حدود الشام.
وفي رد فعل سريع، قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه بإرسال جيش المسلمين إلى العراق بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه، والذي كان قد انتهى لتوه من حروب الردة. وأمره بأن يواجه الفرس قبل أن يتمكنوا من تجميع قواتهم والانقضاض على المسلمين.
مجريات المعركة
وصل خالد بن الوليد إلى منطقة الأرك في نهاية شهر رجب من عام 13 هجرية، ووجد أمامه جيش الفرس محصنا في معسكر ضخم، يحده نهر دجلة من جهة وحائط من التراب من جهة أخرى. وكان عدد المسلمين حوالي 15 ألف مقاتل، بينما كان عدد الفرس حوالي 50 ألف مقاتل.
وبدأ خالد بن الوليد بإطلاق هجمات متفرقة على مواقع الفرس لإثارة إزعاجهم وإضعاف دفاعاتهم. وفي يوم من الأيام، استطاع خالد بن الوليد أن يستغل فجوة في حائط التراب، وأخذ جزءا من جيشه إلى خلف معسكر الفرس، وشن هجوما مفاجئا على خيمة رستم فروزان. فأصاب رستم بحد سيفه، وأحدث فزعا وارتباكا في صفوف الفرس. وفي الوقت نفسه، هاجم الجزء الآخر من جيش المسلمين مقدمة معسكر الفرس، وأحرزوا اختراقات عميقة فيه.
وبعد أن فقد الفرس قائدهم وثقتهم، بدأوا يفرون هاربين إلى نهر دجلة، ولكن كثير منهم غرقوا في الماء أو قتلوا على يد المسلمين. وانتهت المعركة بانتصار ساحق للمسلمين، وبخسائر فادحة للفرس.
نتائج المعركة
كانت معركة الأرك منعطفا تاريخيا في صراع المسلمين مع الفرس. حيث أثبتت قدرة المسلمين على مواجهة أحد أقوى الإمبراطوريات في ذلك الزمان. وبعد هذه المعركة، تابع خالد بن الوليد حملته العسكرية في العراق، وفتح مدنا عديدة مثل حيرة والأنبار والمدائن. وأصبح المسلمون يهيمنون على أغلب أراضي العراق، ويستعدون لمواجهة الفرس في معارك أخرى مثل قادسية والجسر والنهاوند.