قبائل و عائلات

عائلة تستاري: تجار ومصرفيون يهود في العصور الوسطى

عائلة تستاري هي واحدة من أشهر العائلات اليهودية التي برزت في العصور الوسطى في العالم الإسلامي. خاصة في مصر وسوريا والعراق. كانت هذه العائلة تمتلك ثروة طائلة من التجارة والمصارف. وكانت تتمتع بعلاقات وثيقة مع الحكام الفاطميين والأيوبيين والمماليك. كما كانت عائلة تستاري محافظة على شعائرها الدينية اليهودية، ومساهمة في دعم المؤسسات الدينية والتعليمية والخيرية للجالية اليهودية.

 أصول العائلة

لا يوجد إجماع بين الباحثين عن أصول عائلة تستاري. ولكن هناك عدة نظريات مختلفة. أحد هذه النظريات هي أن العائلة تنحدر من أحد الأنبياء اليهود، وهو ياشار بن يعقوب، الذي ذكر في سفر التكوين. وفقا لهذه النظرية، فإن اسم تستاري يعني “النسل” أو “الأحفاد” باللغة العبرية، ويشير إلى نسبهم النبوي. نظرية أخرى هي أن العائلة تنحدر من أحد الأسر اليهودية النبيلة التي هاجرت من بلاد فارس إلى العراق في القرن السادس الميلادي، واستقرت في مدينة تستار، التي تقع على ضفاف نهر دجلة. وفقا لهذه النظرية، فإن اسم تستاري يعني “من تستار” باللغة الفارسية، ويشير إلى موطنهم الأصلي. نظرية ثالثة هي أن العائلة تنحدر من أحد الأسر اليهودية التي هاجرت من إسبانيا إلى مصر في القرن العاشر الميلادي، واستقرت في مدينة الفسطاط، التي كانت عاصمة الدولة الفاطمية. وفقا لهذه النظرية، فإن اسم تستاري يعني “المخيط” أو “المنسوج” باللغة العربية، ويشير إلى مهنتهم الأصلية كتجار أقمشة.

شاطات العائلة

كانت عائلة تستاري تمارس التجارة على نطاق واسع، وتتاجر بالسلع المختلفة، مثل الحرير والتوابل والذهب والفضة والألماس واللؤلؤ والعطور والكتب والأسلحة والخيل والعبيد. كما كانت العائلة تستخدم شبكة من الوكلاء والشركاء والموظفين في مختلف المدن والبلدان، مثل القاهرة ودمشق وبغداد والبصرة والموصل والمدينة المنورة والقدس والإسكندرية وطرابلس وتونس وصقلية وجنوة وبيزنطة والهند والصين. كانت العائلة تستفيد من الحماية والامتيازات التي كانت تمنحها لها الدولة الفاطمية، والتي كانت تعتبرها حلفاء ومستشارين ماليين. كمت كانت العائلة تقوم بتمويل الحملات العسكرية والبعثات الدبلوماسية والمشاريع العمرانية والزراعية للحكام الفاطميين، وكذلك تقديم القروض والهبات والصدقات للمسؤولين والعلماء والفقراء والمحتاجين. كما كانت العائلة تمارس المصارف، وتقوم بتحويل الأموال وتبادل العملات وفتح الحسابات وإصدار الشيكات والسندات والوثائق المالية. كانت العائلة تستخدم نظاما معقدا من الكتابة والتشفير والتوقيع والختم لضمان سرية وأمان معاملاتها.

 إرثها

تركت عائلة تستاري إرثا ثقافيا وتاريخيا هاما للدراسة والبحث. وهناك أكثر من ستين رسالة واتفاقية مالية محفوظة في “جنيزة الهيكل”، وهي غرفة ملتصقة بالكنيس اليهودي في القاهرة، تحفظ فيها المحفوظات المهمة والكتب القديمة والوثائق المهمة. هذه الوثائق تكشف عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية للعائلة والجالية اليهودية في العصور الوسطى. كما توجد بعض الكتب والمخطوطات التي كتبها أو امتلكها أفراد من العائلة، مثل كتاب “المستقيم في الحساب” لأبي الفحل سهل بن ياشار التستاري، وهو كتاب في الرياضيات والفلك والهندسة، وكتاب “المنهاج في الحساب” لأبي يعقوب يوسف بن سهل التستاري، وهو كتاب في الحساب والجبر والهندسة. كما توجد بعض القصائد والأشع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى