الشيخ سالم أبو غنام: حكيم قبيلة العيايدة ورمز التوافق المجتمعي
أسماء صبحي
تعد الشخصية القبلية في المجتمع المصري جزءًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي، حيث يلعب زعماء القبائل دورًا كبيرًا في الحفاظ على القيم والتقاليد، وحل النزاعات، وتعزيز الترابط بين أفراد القبيلة. ومن بين تلك الشخصيات البارزة الشيخ سالم أبو غنام، أحد أعلام قبيلة العيايدة التي تستقر في مناطق شرق القاهرة ومحافظات القناة.
نشأة الشيخ سالم أبو غنام
ولد الشيخ سالم أبو غنام في خمسينيات القرن العشرين في منطقة الإسماعيلية، ونشأ في بيئة قبلية تتميز بالتماسك الاجتماعي والارتباط الوثيق بالعادات والتقاليد. وتلقى تعليمه الأساسي في مدارس المدينة، إلا أن التكوين الحقيقي لشخصيته جاء من مجالس الشيوخ وكبار القبيلة الذين علّموه أصول القيادة وإدارة الأزمات.
منذ شبابه، تميز أبو غنام بالحكمة والقدرة على التفاوض، ما أهّله لتولي مسؤوليات كبيرة داخل قبيلته. ومع تقدمه في العمر، أصبح أحد أهم زعماء العيايدة، حيث كان يتمتع بثقة أبناء القبيلة ويُعرف بمواقفه النبيلة في حل النزاعات وتعزيز الاستقرار المجتمعي.
جهوده في حل النزاعات القبلية
لعب الشيخ سالم دورًا محوريًا في حل الخلافات القبلية التي كانت تنشأ بين العائلات المختلفة، سواء داخل قبيلته أو مع القبائل المجاورة. وكانت مجالسه مفتوحة دائمًا لاستقبال المتخاصمين، وكان يعتمد على التوفيق بين الأطراف المتنازعة بالاستناد إلى التقاليد القبلية، التي تمنح الأولوية للتفاهم والمصالحة بعيدًا عن اللجوء إلى المحاكم.
وكان أبو غنام معروفًا بقدرته على التوصل إلى حلول مرضية للجميع، حيث يُنهي النزاع بطريقة تحفظ كرامة الأطراف كافة. وقد أكسبته هذه الجهود احترام زعماء القبائل الأخرى، الذين كانوا يستشيرونه في القضايا الشائكة، مما جعله أحد أبرز الشخصيات القبلية في مصر.
دوره في تعزيز الترابط بين القبائل والدولة
ساهم الشيخ سالم أبو غنام بشكل كبير في بناء جسور الثقة بين القبائل والدولة، حيث كان يؤمن بأهمية التعاون لتحقيق الأمن والاستقرار. ولعب دورًا حيويًا في دعم جهود الدولة في المشروعات التنموية بمناطق شرق القاهرة والإسماعيلية، وشجّع أبناء قبيلته على المشاركة في المبادرات الوطنية، لا سيما تلك المتعلقة بالبنية التحتية والتعليم والصحة.
كما عمل على توعية أبناء القبيلة بأهمية احترام القانون ودور الدولة في حفظ الأمن، وكان يعقد لقاءات دورية مع المسؤولين المحليين لبحث احتياجات القبيلة والمساهمة في تطوير المنطقة.
مكانته بعد وفاته
توفي الشيخ سالم أبو غنام في عام 2019 بعد حياة حافلة بالعطاء، تاركًا إرثًا من الحكمة والمواقف المشرفة. ورغم وفاته، لا يزال يذكر بصفته رمزًا للسلام والتعاون القبلي، وتعتبر سيرته مثالًا يُحتذى به في القيادة القبلية الرشيدة. ولا يزال أبناؤه وأحفاده يسيرون على نهجه في الحفاظ على التقاليد القبلية والعمل على تعزيز الترابط بين أفراد القبيلة والمجتمع الأوسع.