حوارات و تقارير

السياحة الثقافية في الخليج: كنوز لا تزال في الظل

أسماء صبحي – عندما تذكر دول الخليج، يتبادر إلى الأذهان فورًا مشاهد الأبراج الشاهقة، والمولات الفخمة، والفنادق العالمية. إلا أن ما يغيب عن الصورة أحيانًا هي السياحة الثقافية للمنطقة. والتي تشكل في جوهرها إرثًا حضاريًا غزيرًا وطابعًا فريدًا يميز الخليج عن غيره.

السياحة الثقافية، رغم أهميتها وقيمتها العالية، لا تزال حتى اليوم قطاعًا غير مستغل بالكامل في دول الخليج. حيث تختفي كنوز تراثية وتاريخية خلف ستار التطور العمراني السريع.

تراث غني وامتداد تاريخي

من سلطنة عمان ذات التاريخ البحري العريق، إلى السعودية التي تحتضن آثارًا نبطية وإسلامية نادرة. تمتلك منطقة الخليج مخزونًا ثقافيًا فريدًا.

في العلا بالسعودية، تقف “مدائن صالح” شاهدًا على حضارة الأنباط. بينما تنبض المنامة في البحرين بروح اللؤلؤ والغوص والأسواق التقليدية. وفي الكويت، تبرز المتاحف والمراكز التراثية كذاكرة حية لمرحلة ما قبل النفط. في حين تتميز الإمارات بجهودها في ترميم القلاع والمواقع الأثرية مثل “البدية” و”حصن الفهيدي”.

كل دولة خليجية تحمل بصمة ثقافية مميزة بعضها يمتد لآلاف السنين. لكنها لا تزال خارج دائرة الاهتمام السياحي العالمي بالشكل الذي تستحقه.

مظاهر السياحة الثقافية

تشمل السياحة الثقافية في الخليج طيفًا واسعًا من الأنشطة والمعالم، مثل:

  • زيارة المتاحف التي توثق الحياة البحرية، والحرف اليدوية، ومجتمعات ما قبل النفط.
  • الجولات في الأحياء القديمة والأسواق الشعبية، حيث تتنفس الزائر عبق التاريخ.
  • المواقع الأثرية، من القلاع التاريخية إلى مدافن الحضارات القديمة.
  • الفلكلور الشفهي والموسيقى الشعبية مثل “العيالة” في الإمارات و”فن الصوت” في الكويت.
  • الاحتفالات والمهرجانات التراثية التي تعكس طقوس المجتمع وموروثه.

لكن كثيرًا من هذه الأنشطة لا تحظى بالتسويق الكافي. ولا يتم دمجها بشكل جذاب ضمن البرامج السياحية المعتمدة.

لماذا لا تحظى بالاهتمام الكافي؟

هناك عدة أسباب وراء بقاء هذه الكنوز في الظل. منها:

  • تركيز معظم الحملات السياحية على الترفيه والتسوق بدلًا من الثقافة.
  • نقص الاستثمار في البنية التحتية للمواقع التراثية، خاصة خارج المدن الكبرى.
  • ضعف الترويج الخارجي للمواقع الثقافية بلغة يفهمها الزائر الأجنبي.
  • ندرة الأدلة السياحية الثقافية المدربة، ما يضعف تجربة الزائر.

ورغم هذه التحديات، بدأت بعض الدول الخليجية باتخاذ خطوات لتطوير هذا النوع من السياحة ضمن رؤى استراتيجية. مثل رؤية السعودية 2030 ومبادرات وزارة الثقافة الإماراتية.

السياحة الثقافية ليست فقط وسيلة لجذب السياح، بل فرصة حقيقية لتعزيز الهوية الوطنية. ودعم الاقتصاد المحلي، وربط الأجيال الجديدة بتاريخها الحقيقي.

إن تسليط الضوء على الكنوز الثقافية المهملة، واستثمارها بروح معاصرة. يمكن أن يحول الخليج إلى وجهة ثقافية عالمية توازن بين الحداثة والأصالة، وتقدم للزوار تجربة متكاملة لا تنسى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى